معاك يالخضرة ديري حالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خصائص التنمية وجلباب الاقتصاد العالمي

اذهب الى الأسفل

خصائص التنمية وجلباب الاقتصاد العالمي Empty خصائص التنمية وجلباب الاقتصاد العالمي

مُساهمة  chahara الإثنين ديسمبر 17, 2007 2:25 pm

يندفع الاقتصاد العالمي بوتيرة فظيعة، هو أشبه بسيارة تفوق سرعة عجلاتها قدرة مكابحها على التحكم بها في الاتجاهين صعوداً وهبوطاً. القوانين التي تحكم عالم الاقتصاد اليوم بخلفيتها الفكرية والعلمية وليس بمندرجاتها التشريعية الملزمة فحسب، تبدو قاصرة عن اللحاق بمعدلات النمو أحياناً، وبالاختلالات في الأسواق الاقتصادية والمالية، وبنتائجها أحياناً أخرى. وفي الباحة الخلفية لهذه الصورة، مواطن ضعف سافرة، وشاهدة على انحرافات كبيرة وحادة، تبعد ثلثي البشر والشعوب عن حصة عادلة مما يسمى “الاقتصاد العالمي” إذا سلمنا بمقاربة في الوسط لما ذهب اليه فلاسفة الاقتصاد تعريفاً لماهيته إشباع حاجات الناس من السلع والخدمات وتأمين كفاياتهم.

نشهد في عقد الألفية الثالثة الأول، ما يكفي من براهين ويزيد، على الخطل الكبير في مصطلح “الاقتصاد العالمي”. ذلك أن التفاوت والاختلاف الشاسعين في الثروات والموارد الطبيعية، وفي معدلات النمو الاقتصادي، والدخل الفردي الى الناتج، ومستويات الرفاه والفقر، وفي مجالات الابتكار والتكنولوجيا، ومؤشرات التعليم والصحة، والأمية والمرض، وليس على سبيل الحصر، كافية للقول، ان هناك اقتصادات عالمية وليس اقتصاداً عالمياً. حتى تعبير الاقتصاد الإقليمي يحتمل أيضاً الكثير من الالتباس، ويخفي تناقضات ويبتعد عن الحقيقة مسافات. لن نبتعد كثيرا: هل من الرصانة والواقعية القول بوجود اقتصاد عربي؟ سنتجاوز مفهوم الأمة وتأويله وعنه الكثير ليقال، الى الواقع العملاني والحقيقي: كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي سبق ذكرها، تشي بوجود اقتصادات عربية وليس اقتصاداً عربياً. يضاف الى المؤشرات اليقينية اختلاف واضح في أنظمة الحكم والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، ربما الحالة العربية أشد تعبيراً عما هو في كل دول العالم. إذ على الرغم من الروابط القوية بين الدول العربية، غير المتوافرة على هذا النحو مثلاً بين دول المجموعة التجارية لأمريكا الشمالية (نفتا) أو المجموعة التجارية لأمريكا الجنوبية (ميركوسور)، فنحن فشلنا أيضاً حتى في خلق سوق تجارية عربية على الرغم من قيام منطقة التجارة العربية الحرة. دليلنا، ان حصة التجارة العربية البينية الى التجارة العربية الإجمالية باقية دون 10 في المائة. منذ العام 1951 أي قبل 58 عاماً، حين تأسيس أول هيئة لرجال الأعمال العرب من خلال الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في البلدان العربية. لم نحرز تقدماً واحداً على صعيد العمل العربي المشترك والتكامل الاقتصادي العربي. كل المنظمات القطاعية التي أنشئت، والاتحادات المهنية تحت كنف المجلس الاقتصادي والاجتماعية لجامعة الدول العربية، وكان آخرها منطقة التجارة العربية واتفاقية التيسير لم تفلح في إرساء بنية أو قواعد لاقتصاد عربي ولم تهيئ له.

لن ندخل في الأسباب فهي معروفة ومملة من سياسية وقطرية وكيدية، نعم كيدية متخلفة، نورد مثالاً لمن يمتثل: لقد فشلت سوريا ولبنان، حتى في ظل نظام الوصاية السوري في تأسيس شركة مشتركة برأسمال 50 مليون دولار أمريكي نصت عليها اتفاقية من اتفاقيات “الاخوة والتعاون” الطيبة الذكر. في حين وظف رجال الأعمال اللبنانيون مئات الملايين من الدولار الأمريكي في قطاعات مصرفية في سوريا وتوظيفات السوريين في لبنان موجودة بقوة.

لا نعرض لواقعنا العربي الاقتصادي توكيداً لالتباس مصطلح “الاقتصاد العالمي”، مع انه مرآة نقية. فنحن حالة خاصة، اتفاق الحديد والصلب بين دول أوروبية في الخمسينات أرسى الطريق لسوق أوروبية مشتركة، واتحاد أوروبي يضم الآن 27 دولة. الولايات المتحدة مثل نحو 25 في المائة من “الاقتصاد العالمي”، ونحو ثلث الاقتصاد المذكور مع أوروبا حتمية خلق أسواق جديدة لآلة إنتاج ضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان تفيض عن حاجات شعوب تلك الدول، هي التي كرست ما يعرف ب”الاقتصاد العالمي”، وهو حقيقة سوق تجارية عالمية أكثر منه اقتصاداً، لأن الإنتاج والخدمات والتكنولوجيا في مكان، والاستهلاك في بقية العالم. وعلى خلفية توسع الأسواق كانت حربين عالميتين في القرن العشرين، وكانت حرب العراق الأخيرة. ومن سوء طالع الدول النامية والفقيرة، أن عالمية اقتصاد اليوم، أو عولمته، هي ذات حدين، سالب وموجب إنما على انفصال: السالب، إذا حصل ركود، أو انهيار أسواق، أو تضخم مرتفع في الولايات أو أوروبا، تبدأ عالمية الاقتصاد وعولمته بالعمل ارتدادياً خارج الحدود. إذا قررت الدولة العظمى نقل قواتها خارج حدودها لعلة في “رجال بيض أغبياء” على ما يقول مايكل مور، ولأسباب تتصل بافتتاح أسواق بالقوة للنفط الوارد، والسلع المصدرة “دلالة على نبل العولمة”، فعلى العالم أن يتنكب الى البلواء، تبعات ذلك من عدم الاستقرار وارتفاع أسعار الطاقة والموارد الطبيعية، المقومة أساساً بعملة تتراجع بقرار من “البيض الأغبياء” أنفسهم. ومن عالمية الاقتصاد وعولمته أيضاً، إذا قررت بضعة من صناديق التحوط، أو مجموعة مضاربة في أسواق الأسهم، أو كونسورتيوم مصرفي يتعاطى بقروض عالية المخاطر لقاء أرباح أعلى، وجاءت النتائج سلباً، وخسائرها وإفلاسها بالجملة، قامت القيامة ولم تقعد.

لماذا؟ لأن ربع “الاقتصاد العالمي” وقاطرته الأمريكية مهدد بتراجع النمو، فيتداعى له كل اقتصاد العالم بالويل والثبور وتحمل النتائج. أما إذا جاء الوضع خلافاً لذلك، وتحقق النمو وجنت الشركات الكبيرة، أرباحاً خيالية فلا مجال لاقتصاد العالم ان يشارك في الغنم، إنما في الغرم وحسب.

مجموعة العشرين في منظمة التجارة العالمية التي اجتمعت في البرازيل أخيراً لمناقشة ما تحول قضية في المنظمة هي نفاد الصادرات الزراعية من البلدان النامية الى أسواق الدول الصناعية، كان عليها مناقشة بند طارئ من خارج جدول أعمالها، يتعلق بقروض الإسكان الأمريكية التي رتبت خسائر حتى الساعة بعشرات المليارات من الدولار الأمريكي وامتدت الى بريطانيا وألمانيا، وباتت ارتداداتها تنعكس حتى على دول المجموعة نفسها. علماً، بأن الأخيرة لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بتلك العملية كما قال وزير التجارة الهند لشركائه في الاجتماع.

من يمكنه إبلاغ الولايات المتحدة اليوم، بأن تراجع عملتها منذ أول يناير/ كانون الثاني العام 1999 على اليورو وحتى العام 2007 بنحو 61 في المائة يعكس حقائق اقتصادية؟ في حين يستمر الضغط على الصين لزيادة قيمة عملتها مرة رابعة توخياً ل”التجارة العادلة” كما تزعم الولايات المتحدة وشركاؤها. وكأن المشكلات التي بدأت تواجهها الدول النامية ودول الموارد الطبيعية جراء خفض الدولار الأمريكي لا علاقة لها ب”الاقتصاد العالمي”. فهذه مسألة داخلية من وجهة نظر البيت الأبيض وصانعي القرارات الاقتصادية فيه. أما عجز التجارة الأمريكية فشأن عالمي على البشرية أن تتدبر أمره.

لم يعد جائزاً التنكر للخصائص الوطنية في سياسات التنمية والسياسات الاقتصادية والنقدية، جلباب “الاقتصاد العالمي” لن يقوى على إخفاء تلك الخصائص
chahara
chahara
مدير المنتدي
مدير المنتدي

ذكر عدد الرسائل : 1481
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 13/11/2007

http://chahara1989.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى