كلمات في الغربة 000

عندما يختم لك تأشيرة الدخول على صفحة الغربة في جواز ضياعك
تشعر لوهلة إنك بدأت الخطوة الأولى في عالم الحرية,, ترتسم ابتسامة المنتصر على الاخفاقات المتكررة في قسوة الوطن عليك ,, تستلم حقيبة تقول لك :املأها بأفراحك هنا ضع فيها كل ما يفرحك ,, لاتنسى أحزانك ,,شقاءك واخفاقاتك ,, هوامش حياتك ضع فيها ما استطعت ,, ستحتاج لها في غربتك ,,تأخذ كلمات وداع الأحبة ,, فرحتهم بك ,, حزنهم عليك.. تجمع دموع والدتك في لحظة الفراق , ابتسامة والدك المكابرة بالفرحة المخبأة بالحسرة,, قبلات إخوتك على وجهك وتتمنى أن لا تمسحها دهرا ,,

وتغادر ...
مع وصولك تفتح حقيبتك لتكتشف ماذا فعلت بنفسك , أي جنون هذا ما أتيت به إنها تشارك الغربة في تعذيبك ,, تقفل عليها مسرعا ,, وترميها جانبا ,,لكنها تتسلل هاربة لتهاجمك في أي لحظة ,, تعانقك وتداعبك,, وتقتلك في النهاية كل أمور حياتك الصغيرة كبرت في هذه الحقيبة لتحن إليها ,,تحارب ما أتيت به من جنون ,,بحقيبة الأمل التي بدأت تملأها مع مجيئك وتتغذى بها لحين رحيلك ,, معرفة جديدة وشعب مغاير ومستقبل قد يكون آخر ,, تركت اللعب مع عالم الذكريات وأقنعت نفسك بالمسلمات
وفي الغد ربما ما قد يكون أفضل ..


لمهاجرين الإريتريين..من أين؟ وإلى أين؟


لاشك أن بلادي إرتريا أصبحت مرهبة ومرعبة لكل مواطنيها فقد هرب منها الكبير قبل الصغير، فخرج الناس من ديارهم ظلما وقهراً .. تبعثرت الأسر في متاهات اللجوء فأصبح الكل في وادي ... الاب في غير معلوم ما بين وراء القضبان او التراب ؛ والابن من وراء البحار او الصحراء والأم في بلد يحكمه أهل الظلم والطغيان منذ أن أتت الحرية أي ما تسمي بالاستقلال الاريتري ، وإنسان ارتريا لم ينعم بطعم هذه الحرية بل تجرع في يد هذا الأفاك الأثيم اشد أنواع الظلم ، ففي ظل هذا النظام أتى التشرد والفرار .
فمن هذا الباب نقول وبصوت الحق أن مسألة المهاجر الاريتري مسألة تحتاج إلي الوقوف عندها من جانب من هم ولاة أمر هذا الجيل ؛ وقصدي بولاة الأمر ليس من هم رعاة تناظيم أينما تتوجه لا تأتي بخير.. والذين فقط يسعون إلي متاهات السياسة والحكم بأحلام واهية... إنما القصد بولاة الأمر من هم نور هذا الجيل من مثقفين ومتعلمين وغيورين علي دينهم ووطنهم وأبناء جلدتهم الذين لا يملكون أدني مقومات التمسك بالمنهاج السليم ؛ من تدين او تثقف فكري عقلاني ليحتموا به ، لقد اتو من بلد تنعدم فيه هذه المسائل.
إن هذه المسألة تقع في اعناقكم يا من تملكون المنهاج السليم فما نراه ونسمع عنه شئ يؤسف عليه وتدمع العيون من اجله إن المهاجرون وخاصة المهاجرين الشباب وبالذات من يقصدون بلاد الغرب ينقصهم الكثير والكثير فمن اجل الخروج بهذا الجيل الي بر الأمان ولكي يتسلحوا بسلاح العقيدة والمنهاج القويم لابد من خلق عملية الترابط والتعاطف معهم بقدر المستطاع ولا يمكن أن يتم هذا الا بالتآلف والتآخي بين من هم اخوة في النسب والوطن .

الدعوة أزفها الي كل من يجد ويحث في نفسه القدرة بان يحمي أخاه الذي لا يمتلك ويفتقر الي مقومات العيش في بلاد الانحلال والتفكك والأنانية وحب الذات والتقوقع .
إن الذي نشاهده ونراه من إنحراف سلوكي فيمن تربطنا بهم صلة الإخوة الوطنية فهذا الشئ مؤسف فيا ليت يعلموا انا ما أخرجهم من بلدهم هو طغيان وظلم مورس عليهم ومازال يمارس في منهم اخوة لهم في وطنهم الأم إرتريا ، فبدل الانحلال والانحراف بكل ما تعنيه هذه الكلمة ما كان الأفضل لهم أن يستخدموا عقولهم من اجل التحدي والوصول الي الغايات المرجوة التي فقدوها في بلدهم الأم ( أي افقدهم لها ذلك المجرم اللعين بصريح العبارة ) .

كما نعلم انه لو فقدت شئ رغم انفك فمن واجبك أن تستعيد الذي فقدته وأنت مكرم معزز فلا يمكن أن يأتي المسلوب إلا إذا تسلحت بسلاح العلم والمعرفة .
و كما تعلم يا من أتيت إلى لندن او سيدني او باريس او روما وهلم جرا ...فاراً من بلد حرمك من حقوقك الشرعية أن أوروبا كفلت لك هذه الأشياء حتي تصل إلي ما تصبوا إليه ومن المعلوم ان أوروبا هي بلد الحريات لا تمانع ولا تخالف أي إنسان من الوصول الي الغاية التي يرجوا ان يصل إليها أياً كانت هذا الغاية مع توفير كل السبل العلمية والعملية فكلا الحالتين متاحتين لكل إنسان وبالسواء في أوروبا . الا... للذي انجرف وانحرف في متاهات أوروبا المعروفة فصار عالة علي نفسه وعلي مجتمعه فما كان من اللأرحم له ان يضيع ( في شوارع كومشتاتو) في وسط بلده ارتريا بدل الضياع في مكان أتاه بعد ان رأى الموت بعينه لقد أتي بصحراء كبري ليلاقي بحر هايج وجلت فيه النفوس وبلغت فيه القلوب الحناجر وظن ان الموت هو المصير ليس سواه أنسي ما كان بالأمس القريب في أحضان البحر ، ومعتقلات ذاك البلد وسراب تلك الصحراء وكيف كان يلهث كالكلب ، ليبدأ فصول مرحلة جديدة من الحياة .
مرحلة الترف والضياع يبدأها من تلك المدينة الساحلية علي الحدود الأوروبية ، آه ثم آه علي هذا المنظر الشنيع كم تتمني ان لا تراه بعينك ولا تسمع به ، تتمني لو انه ظل في بلده لعله كان يعود بالمنفعة الي ذويه ولو بعد حين من الضياع فهناك مهما تاهت بك الأقدار تعود إلى ديارك أما الضياع في شوارع أوروبا فغير.
فمن واجب الغيرة والشعور بالمسؤولية لما نشاهده في شبابنا الأبي والذي نرجو منه الكثير في رفعت بلده ووطنه نرسل هذه البرقيات بالتكرار لعلها تجد آذان تستمع إليها .

إخوتي الكرام الموقف صعب ولا يتحمل الانتظار فهذا الجيل علي حافة الضياع فهل عملنا شئ ؟ هل هذا الشباب يرتقي الي مستوي الطموح الوطني المرجو منهم ؟

اترك هذا الأسئلة وغيرها للقارئ فأين كانت الإجابة يكون الحل لنا .

و في الختام هذه لأبيات من أجمل بيوت الشعر في منهم أمل الامة ( الشباب ) ودعواتنا الممزوجة بالإخلاص بان يحفظ الله شباب ارتريا الأبرار حتي يكونوا زخراً لارتريا الحبيبة .
مَنْ هؤلاء التائهـون الخابطـون علـى التخــومْ
أعشى خطا أبصارهم رَهَجُ الزوابع والغيـوم
والليل ينفض فوقهم من يأسه قلق النجـوم
ويسوقهم زمراً إلـى حفرٍ مولولة الرجـوم
السوط يرفل حولهـا والموت أنسره تحـوم .
والقيد يخصف من صدورهم المذلّة والهمــــوم
مَنْ هؤلاء الضائعون ؟ فهؤلاء شباب إريتريا التائهون ؟!
أبداً .. تكذّبني ، وترجمني الحقـائق والظنـــون

صدق القائل وهذا حال شبابنا اليوم في شوارع أوروبا فلنترحم علي من هم فلزات أكبادنا

وفي الختام أرسل باقات من التحيات الذاكيات إلي شباب ارتريا المتطلع إلي الأمام
والله المستعان .

أين الردود