معاك يالخضرة ديري حالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ظاهرة الاغتراب

4 مشترك

اذهب الى الأسفل

ظاهرة الاغتراب Empty ظاهرة الاغتراب

مُساهمة  chahara السبت نوفمبر 17, 2007 5:50 pm

ظاهرة الاغتراب في نصوص مؤيد سامي

أجداث أحلام
[منذ يومين لم أنبس ببنت شفة، لدي شعور، كما لو أن لساني فقد من فمي، فقط أثناء النوم، أتكلم أنا طول الليل!]/ ص8 ، يقول فيلهلم بطل رواية (الحركة الخاطئة) للكاتب النمساوي بيتر هاندكه وفي الصباح يسأل زملاءه أن يروي كل منهم الحلم الذي رآه، لاختيار ما يناسب روايته الجديدة. والرواية تعالج أزمة الكآبة في المجتمع الألماني عقب الحرب العالمية الثانية. هذه الملاحظة تحضرني غالباً إزاء كثير من النصوص الأدبية العراقية سيما القصصية، مما يدعو للتأمل والبحث عن مرجعيات تلك النصوص و مصادر المؤلف المعتمدة في صياغتها. ولا غرابة في القول أن الحلم/ الرؤى/ الرؤيا/ الكوابيس هي المصادر الأصلية لصياغة تلك القصص والنصوص الشعرية قليلاً أو كثيراً. بل أن معظم ما يوصف تحت يافطة (النوستالجيا) من أدب المنفى العراقي انما هو مكابدات وارهاصات حاصرت المؤلف في لحظة الغياب عن [المنفى والوطن] سوية، في تأمل باراسيكولوجي عمل الوعي الباطن على رأب مساحة النسيان أو الفقدان بفعل استمرار غياب اللحظات الجميلة في مواجهة سحت واقع المنفى. وتمثل (حانة الأحلام السعيدة) للقاص نصرت مردان واحدة من أفضل وأجمل الأمثلة في هذا السبيل، ولا سيما في القصة التي تحمل المجموعة إسمها حيث يداهم رجال الأمن المؤلف في نومه ويحاسبونه عن أبطال قصته الجديدة التي يفكر في كتابتها، ثم يتم اقتياده في جولة متخيلة لمدينة كركوك. ولا تخرج (كوابيس المنفى) للدكتور زهير شلبية من هذا الاطار. ناهيك عن عدد لا متناه من الأمثلة والنماذج الحية. ان الرسالة الواضحة لهذه الأحلام السعيدة/ الكوابيس هي حالة الاحباط والعزلة النفسية التي حاصرت الانسان العراقي في منفاه واستلبت منه عوامل الراحة والاستقرار (النفسي) لتحيله إلى يوتوبيا ذهانية خاصة عبر تداعيات منولوج داخلي نفسي لرأب تصدعات حياته التي عجزت عن علاجها الأيام. الحلم في قصة المنفى دلالة فشل الكاتب في مغادرة المكان الأول من جهة والعجز عن ارتياد المكان البديل وتقمصه من الجهة الأخرى. لكن النصوص (الحلمية) ليست قصراً على نصوص المنفى، وانما هي سمة لنصوص الداخل كذلك. فقصة (الخنزير) لصلاح زنكنة تصور حالة تحدث في المسقبل [كتبت القصة في التسعينيات ونشرت في مجلة ضفاف] حيث البطل جالس في باص وأمامه شخص عجوز وجهه ليس غريباً عليه. يتوقف الباص ويحاول العجوز الترجل من الباص فيساعده البطل. خلال ذلك يتذكر أن هذا العجوز هو الجلاد الذي كان يعذبه في فترة سجنه. وعندما يساعده في النزول يرفع العجوز رأسه إليه متشكراً ويقول له (كذلك) أن وجهه ليس غريباً عليه. وتروي قصة (المسخ) لحسين علي عبد (التميمي) عن كابوس شخص يعاني من العقم ثم يصحو في نهاية القصة في بيت فيه زوجة وأطفال. أما قصة (في يوم ما..) لمؤيد سامي فالبطل يسير في الشارع ويتهيأ له أنه يعرف من يقابلهم ولكنه كلما حيا أحدهم وأراد التحدث إليه استنكر ذاك معرفته، حتى ينتهي الى قرار بعدم تحية أحد والعودة إلى بيته وعائلته. [وعندما وصلت إلى البيت ، فتحت بابه الخارجي ، ودَخلت ثم أغلقته خلفي وأنا أشعر بارتياح عميق لم أحس به طوال الوقت الذي مضى من هذا اليوم فكأني أجد نفسي فيه لأول مرة .. طرقت الباب الداخلية ، فتحه رجل يشبهني تماماً ولكن بوجه مضغوط قال : تفضل أخي . قلت له : من أنت؟ قال ، وقد بدا مستفَزاً ، : من أنت وماذا تريد؟ قلت له : هذا بيتي.. في هذه الأثناء جاءت امرأة وطفلان مثل امرأتي وطفليَّ ووقفوا بجانب الرجل الذي قال للمرأة : يبدو إنه مجنون .. كلمني بلطف ولكن بمنطق حازم أن أخرج من بيته فوراً وإلا .. ]. فحالة الاغتراب والشعور بالغربة عن الآخرين تتعدى الحدود الخارجية أي المجتمع ليشمل ذات الشخص في حالة من الانفصام والتغرب عن الذات. استخدم المؤلف صفة (وجه مضغوط من الجانبين) لتحديد التغير الحاصل بين صورة المجتمع المألوفة لديه (الذاكرة والوعي)، وصورة المجتمع في الواقع المعيش. وهي صورة طافحة بالدلالات مما يدخل في باب النقد الاجتماعي أو التعبير عن رفض وضع معين. وبالتالي رفض صور الناس داخل هذا الوضع أو رؤيتها مشوهة خارج المألوف. مثل هذا الأدب غير بعيد عن تيار اللامعقول في الأدب الأوربي أواسط القرن الماضي في ظل آثار الحروب والأزمات الناجمة عنها. مما يمثل نتيجة صارخة لحصيلة التفاعل غير المنسجم بين الوعي الثقافي العراقي وجملة الطارئ السياسي لربع القرن الأخير الذي حاول تدمير قواعد المنطق والعقل ونسف البنى الارتكازية للانسان والمجتمع. اتخذت قصة (في يوم ما.. ) صفة الراهن المضارع وتطرقت قصص نصرت مردان وصلاح زنكنة لحالة مستقبلية، أما قصة (غرفة مظلمة) ذات الأجواء الغريبة [القصة التي سأرويها لكم لا يهمني ان صدقتموها ام لا بل لا يهمني ان كانت وهماً توهمته ام حقيقة رهيبة من مسرح الحياة .. لم يسبق لاحد ان سمعها مني … وحيث أني الشاهد الوحيد فيها فلقد كتمتها طوال عمري وحاولت ان ادفنها في الأعماق المظلمة دائماً .. لقد وقعت إحداثها منذ زمن بعيد جداً كأنه لم يكن .. او أتمنى لو انه لم يكن … وما كنت لارويها الآن لو لم تقع أحداث جديدة . ]. ان كثيراً من الحقائق المغيبة على أرض الواقع تجد ترجيعاتها في أعماق اللا وعي الذي وصفه فرويد بالحلم الذي حاول استفزازه عبر التنويم الصناعي. بل أن لبعض الأحلام صعقة تفوق سكونية الواقع المزوقة في تلافيف العادات الاجتماعية المتكلسة وديماغوجيا الاعلام. فوظيفة القصة/ الحلم في هذه الحال إرباك أنساق الوعي الاجتماعي المتقولبة لاستفزاز واستنهاض القيعان البريئة البعيدة عن المسخ والتزييف. تتناول (غرفة مظلمة) قصة (وأد) طفلة غير شرعية مخافة الفضيحة، يستدل عليها الكاتب بعد مرور سنوات طويلة بينما الأم على سرير الموت ليواجهها بتلك الحقيقة المرة، حقيقة الصرخات التي بقيت تصدر من أرضية تلك السقيفة المظلمة في بستان طفولة المؤلف. ولا تبتعد بنية القصة في سياقها العام عن الموروث الاجتماعي السائد في هذا المجال في باب الظلم والغدر، حيث يزور المغدور أو المقتول ظلماً منامات ذويه أو أصدقائه دالاً على القاتل أو مطالباً باسترداد حق مغصوب أو كشف دسيسة أو (فضيحة)!. كما يظهر في تعبير الأم [قالت وهي ترفع جسدها في سريرها وقد علاها الشحوب : ماذا .. ماذا تقول .. ابعد كل هذا العمر والماضي لم يتركني ..] مؤكداً انتصار الحقيقة والعدل. وحضور الأموات في المنامات من الحالات التي اكتسبت طابع المألوف في الملحمة العراقية وانتشار فقدان الأحبة في ظل الفوضى وواقع اللامعقول في العقود الأخيرة وبصور فنتازية يعجز عن استيعابها العقل أو تصورها. مثل صورة اغتيال المؤلف نفسه أمام باب بيته صبيحة الخميس الثالث عشر من يناير العام الماضي. فهل سيخطر له ارتياد منامات ذويه وأحبته مذكراً بموته أو ابتسامته والوجوه المضغوطة من الجانبين. وهنا يمكن تأشير سمات رئيسة لمرجعية الحلم في قصص مؤيد سامي:
1- التأكيد على البعد الاجتماعي. ففي معظم نصوصه القصصية التزم الكاتب الجانب الاجتماعي كقاعدة أساسية في المعالجة وتوجيه النقد. على اعتبار ان المجتمع يمثل خلاصة لجملة التفاعلات الاقتصادية والسياسية والفكرية الدائرة فيه. والتطرق للمجتمع يغني عن التفصيل في الأجزاء. كما تمثل في قصة (الملائكة تأكل الخبز) التي تعالج أزمة البطالة التي استفحلت في عراق التسعينيات عقب الحربين. فالبطالة مشكلة اجتماعية أسبابها اقتصادية، أو مشكلة اقتصادية ذات آثار ومضاعفات اجتماعية مباشرة. والتطرق اليها يضرب عصفورين بحجر. بينما طرحت قصة (في يوم ما) الآثار النفسية المترتبة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية لتلك المرحلة.
2- اتخاذ موقف انتقادي لاذع. وظف المؤلف قصصه لتأشير معاملات انحراف متراكبة ومتداخلة في بنية النظام الشمولي المتحكم في حركة الحياة والواقع. وفي ذلك استجابة حقيقية لدور المثقف في تحريك الوعي الاجتماعي الداخلي، ليس بترديد الشعارات أو المماحكات السياسية العقيمة وانما عبر معالجات واقعية موضوعية تتصدى لتفاصيل الحياة اليومية والحاجات الاساسية للفرد وعلاقتها بالمؤسسة والمنظومة العامة. ويطرح هذا مثالاً طيباً في ترسيخ آلية الفعل الثقافي في المجتمع تبتعد عن الانفعال والمراهقة السياسية.
3- حلم غير بريء. فهو لا يمثل تعويضاً نفسياً للرغبات الحسية المكبوتة وفق علم النفس الفرويدي، وليس حلماً مترفاً ينقل صاحبه إلى يوتوبيا سعيدة طافحة بالبذخ والامكانيات. ليس حلماً غرائبياً يقود المؤلف إلى عوالم ومجرات عجائبية لم ينزل بها سلطان. ليس لحلمه أية صفة ايجابية أو سمة تفاؤلية، وهو –وإن دعي حلماً- له وشيجة وثيقة بالواقع الراهن وانعكاساته. وبالتالي، ان خطاب الحلم لدى مؤيد سامي، هو أقرب لصورة (الأنا العليا) في علم النفس الوجودي لشخص المؤلف وتصويرها لآرائه وأفكاره ومواقفه التي لا يسمح الواقع بالتعبير عنها أو يتقبلها مباشرة. فكانت نتاجاته الأدبية القليلة خير تصوير لشخصه وشخصيته، اتسامه بالجدية والموضوعية وابتعاده عن المداهنة والمجاملة، بنفس مستوى حبه للثقافة وضيقه بالثرثرة. فجاءت نصوصه قصيرة النفس قليلة الكم.

وظيفة الحلم
عند التطرق لاتساع مساحة الحلم/ الرؤيا في جملة العوامل النفسية المؤثرة في الابداع، سواء في أشكال المداخل أو المخارج، فلابدّ من تأكيد ظاهرة القناع في الأدب العراقي في ظل الدكتاتورية، كأحد وسائل الدفاع الذاتي عن كينونة الضرورة الابداعية. لأنه من غير الصحيح تصور انحسار النص الابداعي في الفترات المظلمة، أو اعدامه جملة بطائلة التبعية. فقد بذل المثقف العراقي جهوداً جبارة لتحرير نصه دون الوقوع في شراك الأمن الثقافي. بدء بشيوع نزعة الشكلانية والصرعات اللغوية والأساليب الفنية أو توظيف الفنون والميثولوجيا والتاريخ والفلسفة داخل النص إلى غير ذلك، شكلت دفاعات أمامية لحماية النص والذات أمام كاسحات ألغام النظام. ولم يكن الحلم إلا احد تلك الوسائل أو الأساليب الرمزية والقناعية، سواء كان النص، انعكاساً مباشراً لرؤيا حلمية أو يقظوية أو عمل المؤلف على تصويرها كذلك ومنحها هذا اللبوس. المهم هنا، ان تلك النصوص استطاعت أن تولد وتنمو وتنتشر، وتخترق حواجز النظام الاعلامية والأمنية، وتثبت انتصارها للانسان والحياة، بينما هوت الدكتاتورية وأركانها حيث ينبغي لها.
ومن جهة أخرى فأن اللجوء إلى الحلم أو المخيلة، ليس بهدف تزويق الواقع أو شعرنته قدر ما هو تعبير عن شعور بالاغتراب عن حركة (لا معقول) الواقع وعدم ارتفاعها إلى مستوى رؤية الكاتب ومطامحه مما ينجم عنه موقف مبني على الرفض والاحتجاج يأخذ صوراً عديدة، ليست قصة الحلم/ القناع سوى أحد ارهاصاتها أو تجلياتها.

هوامش
1- (أجداث أحلام) بناء مشتق من عبارة (الأحلام القتلى) في قصيدة مؤيد سامي :[ ينقضّ الوحشُ .. تضطرب الصورة.. أصابع مفتوحةٌ تغوصُ في الظلام .. رجل يخطو فوق جثة.. يفتش في الميدان عن الأحلام القتلى.. ].
2- الحركة الخاطئة/ رواية بيتر هاندكه.. 1975- قصة فيلم ألماني بنفس العنوان .
3- حانة الأحلام السعيدة/ مجموعة قصصية للكاتب العراقي نصرت مردان.. منشورات ضفاف/ 2003.
4- مجلة ضفاف – دورية ثقافية عامة صدرت في النمسا [1999-2005] لصاحبها وديع العبيدي.
5- مؤيد سامي مهدي [1961- 13/1/2005] أديب عراقي من بعقوبة، له كتابات شعرية وقصصية ونقد أدبي وقراءات فكرية. بدأ النشر في أواخر التسعينيات ولم تجمع آثاره في كتاب. اغتيل أما دارته الواقعة في بهرز القريبة من بعقوبة صبيحة توجهه للعمل. وبلمناسبة مرور عام على رحيله أكرر ندائي إلى ذويه وأصدقائه القريبين لجمع آثاره وأعماله واخراجها في مجلد حفاظاً عليها من التلف والفقدان وتقديراً لدور الفقيد وجهوده الثقافية والاجتماعية.
chahara
chahara
مدير المنتدي
مدير المنتدي

ذكر عدد الرسائل : 1481
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 13/11/2007

http://chahara1989.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ظاهرة الاغتراب Empty رد: ظاهرة الاغتراب

مُساهمة  MATRIX HARD الإثنين ديسمبر 03, 2007 7:24 pm

مشكووررر يا مديرنا يا ورد
MATRIX HARD
MATRIX HARD
مشرف
مشرف

ذكر عدد الرسائل : 521
العمر : 33
الموقع : في قلب حبيبتي
العمل/الترفيه : في منتدى الاسطورة
المزاج : جيد
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

http://iraqalmawadha.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ظاهرة الاغتراب Empty رد: ظاهرة الاغتراب

مُساهمة  غزالة الرافدين الخميس ديسمبر 06, 2007 3:50 pm

شكرااااااااا مديرنا
غزالة الرافدين
غزالة الرافدين
عضو جديد
عضو جديد

انثى عدد الرسائل : 45
الموقع : في قلب حبيبي
المزاج : متوسط
تاريخ التسجيل : 01/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ظاهرة الاغتراب Empty رد: ظاهرة الاغتراب

مُساهمة  ksaid25 الخميس ديسمبر 06, 2007 4:11 pm

 بارك الله  فيك
ksaid25
ksaid25
مشرف
مشرف

عدد الرسائل : 480
تاريخ التسجيل : 13/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى