الولد سرّ أبيه

شكل دخول السائق البرازيلي نيلسون بيكيت جونيور بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا وان من بابه العريض من خلال وقوع الاختيار عليه ليكون زميلاً للإسباني فرناندو ألونسو في فريق رينو لموسم 2008، مفاجأة بالنسبة إلى كثيرين خصوصاً أنه حل مكان سائقين يتمتعان بسمعة طيبة هما الإيطالي الخبير جيانكارلو فيزيكيلا والفنلندي الصاعد بقوة هايكي كوفالاينن.

ولا شك في أن مدير فريق رينو الإيطالي فلافيو برياتوري الذي أبدى إصراراً منقطع النظير على استعادة ألونسو (26 عاما) "مهما كان الثمن"، يدرك أصول اللعبة جيداً، ولذلك ارتأى التخلي عن فيزيكيلا وكوفالاينن واستقدم بيكيت جونيور الذي سيعود حضوره على الفريق ببعض الملايين التي قد تعوض جانباً من المقابل المادي المنصوص عليه في العقد الذي يربط السائق الإسباني برينو، علماً بأن بعض التقارير الصحافية في مدريد أشارت إلى أنه يصل إلى حوالي 42 مليون يورو سنوياً ولمدة موسمين.

وتتمثل أهمية التعاقد مع بيكيت جونيور في كونه إبن السائق البرازيلي الشهير السابق نيلسون بيكيت، بطل العالم ثلاث مرات أعوام 1981 و1983 (مع فريق برابهام) و1987 (مع وليامس).

ولا يخفى على أحد أن اسم "بيكيت" من شأنه جذب الرعاة خصوصاً أن الحشرية البديهية للمتابعين تنطلق من السؤال التالي: هل سيتمكن الابن من تحقيق النجاح الذي أصابه والده؟

ويرى البعض بأن بيكيت جونيور الذي شغل بامتياز دور سائق التجارب في الموسم المنتهي مع رينو بالتحديد، حصل على هذه الفرصة الذهبية ليس فقط لأنه سائق جيد، بل لأنه نجل نيلسون بيكيت.

ويقع على عاتق الابن اليوم إثبات حقه على الحلبات خصوصاً أن سائقين آخرين قد يفوقونه موهبة وأداء فشلوا في ولوج عالم الفئة الأولى حتى من بابها الضيق.

وتعتبر مهمة بيكيت جونيور الملقب ب"نيلسينيو" (أي نيلسون الصغير) معقدة بعض الشيء لأن واقع أن يكون المرء ابن سائق شهير يفرض جواً سلبياً قد يعاني منه الخلف في طريقه لإثبات نفسه.

وشهدت حلبات فورمولا وان في السنوات الأخيرة ظاهرة "الخلافة العائلية" حين ظهر الكثير من أبناء سائقين سابقين خلف مقود سيارة من الفئة الأولى.

فالكندي جاك فيلنوف كان خير خلف لخير سلف إذ نجح في تدوين اسمه بطلاً للعالم مع وليامس عام 1997، رغم أن والده جيل لم يتوج بطلاً للعالم قط بل كان مركز وصيف البطل عام 1979 أفضل ما حققه قبل أن توافيه المنية خلال التمارين الخاصة بسباق جائزة بلجيكا الكبرى عام 1982.

ولا يغيب عن الأذهان البريطاني دايمون هيل بطل العالم عام 1996 مع وليامس والذي سار على خطى والده غراهام المتوج باللقب العالمي في مناسبتين، أولهما عام 1962 مع فريق "بي أر أم"، وثانيهما عام 1968 مع لوتس.

أما الألماني نيكو روزبرغ (22 عاماً) الذي جدد عقده مؤخراً مع وليامس حتى 2009، فيأمل بالسير على خطى أبيه كيكي روزبرغ الذي كان أول فنلندي يتوج بطلاً للعالم مع وليامس بالذات عام 1982.

ونشير في هذا السياق إلى أن نيكو روزبرغ يشارك في بطولة العالم تحت الراية الألمانية مع العلم أنه يحمل الجنسية الفنلندية أيضاً.

أما الألماني الآخر المغمور ماركوس وينكلهوك (27 عاماً) الذي تنحصر خبرته في فورمولا وان بعامين كسائق تجارب لدى ميدلاند ثم سبايكر، فهو ابن مانفرد وينكلهوك، السائق الذي لقي حتفه خلال سباق جائزة كندا الكبرى عام 1985 بعد ثلاثة مواسم أمضاها في الفئة الأولى.

ويطمح غريغ وليو مانسل، نجلا البطل البريطاني السابق نايجل مانسل، إلى الانتقال من سباقات فورمولا 3 البريطانية إلى سباقات الفئة الأولى في المستقبل القريب، أملاً في السير على خطى والدهما الذي توج بطلاً للعالم عام 1992 خلف مقود سيارة وليامس.

من جهته، يبدو الفرنسي أدريان تامباي (17 عاماً في 25 شباط/فبراير المقبل) في الطريق إلى خلافة والده باتريك تامباي الذي فاز بسباقين فقط خلال مسيرته على حلبات فورمولا وان والتي امتدت من عام 1977 حتى عام 1986.

وتبدو خطوات الفرنسي نيكولا بروست (26 عاماً) بطيئة نوعاً ما في سعيه إلى نسخ مسيرة والده ألان بروست بطل العالم في سباقات فورمولا وان أربع مرات أعوام 1985 و1986 و1989 مع ماكلارين و1993 مع وليامس، خصوصاً أنه دخل لتوه بطولة سباقات "آي وان" وذلك ك"سائق مبتدئ" مع الفريق الفرنسي قادماً من بطولة فورمولا 3 الإسبانية.

ورغم أن برونو سينا ليس نجل السائق البرازيلي الراحل إيرتون سينا بل ابن شقيقته إلا أنه يبدو مصراً على انتهاج خطى خاله في عالم الفئة الأولى.

ولطالما حاول البرازيليون إيجاد وريث بالدم لخلافة إيرتون سينا على الحلبات بعد فشل كل محاولة من نوع آخر، ويبدو أن بصيص الأمل جاءهم أخيراً من خلال برونو سينا (24 عاماً).

وكان إيرتون دفع حياته ثمنا للفورمولا وان في الأول من أيار/مايو 1994 عندما فقد السيطرة على سيارته "وليامس" عند منعطف "تامبوريللو" خلال سباق جائزة سان مارينو الكبرى في بولونيا (إيطاليا) واصطدم بالحاجز الأسمنتي وفارق الحياة.

وعن برونو، قال إيرتون سينا ذات يوم "إذا كنتم تعتقدون أنني سائق جيد، فانتظروا حتى تتعرفوا على ابن شقيقتي" الذي يشارك حالياً في بطولة سلسلة جي بي 2، المدخل "التقليدي" إلى عالم فورمولا وان.

ويحرص برونو في السباقات التي يشارك فيها على اعتمار خوذة خاله الشهيرة بلونيها الأصفر والأخضر، كما أن الجناح الخلفي لسيارة السباق التي يقودها تحمل إعلاناً عن الموقع الإلكتروني لمؤسسة إيرتون سينا الخيرية.

وكان برونو حدد عام 2009 موعداً لدخول بطولة العالم للفورمولا وان.
ألونسو يخوض أول اختبار

وعلى صعيد آخر, يبدأ الإسباني فرناندو ألونسو أول اختباراته مع فريقه الجديد-القديم رينو الشهر المقبل على حلبة خيريز الإسبانية التي تحتضن التحضيرات الأولية لمعظم فرق بطولة العالم لسباقات فورمولا وان.

وسيخوض ألونسو التجارب إلى جانب زميله الجديد البرازيلي نيسلون بيكيت جونيور على متن سيارة الموسم الماضي "أر 27" من 14 إلى 16 كانون الثاني/يناير المقبل.

وسيقود السائقان السيارة القديمة لأن الجديدة "أر 28" لن تكون جاهزة إلا في أواخر الشهر المقبل.

وستشكل تجارب خيريز عودة ألونسو إلى الحلبة لأول مرة منذ سباق البرازيل الختامي لموسم 2007 والذي شهد تتويج سائق فيراري الفنلندي كيمي رايكونن باللقب على حساب ألونسو وزميله السابق في ماكلارين مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون.

وسيقف ألونسو على أداء سيارة رينو دون المساعدات الإلكترونية لان قانون 2008 يحرم الفرق من استعمال جهاز التحكم بالتماسك ما يفعل دور السائق في السيطرة على السيارة ويجعله يظهر قدرته الفعلية دون أي مساعدة إلكترونية.

ومن المتوقع أن يشعر ألونسو بفارق كبير بين فريق رينو الذي توج معه باللقب عامي 2005 و2006، والفريق الحالي بسبب تراجع أداء الحظيرة الفرنسية خلال الموسم الماضي، إلا أن مدير الفريق الإيطالي فلافيو برياتوري إعتبر أنه لا يوجد أي سبب يمنع رينو من العودة إلى ساحة المنافسة والانتصارات اعتباراً من 2008.

ولم يطلق برياتوري أي وعود جازمة بأن يكون الموسم المقبل أفضل بكثير من الموسم الماضي حيث احتل فريقه المركز الثالث في فئة الصانعين برصيد 51 نقطة وبفارق شاسع عن صاحبي المركزين الأولين فيراري (204) وبي أم دبليو ساوبر (101)، علماً بأن فريق برياتوري حصل على المركز الثالث بعد إقصاء ماكلارين مرسيدس من البطولة بسبب فضيحة تجسسه على فيراري.

ولم يتمكن الفريق الفرنسي الذي توج بلقب الصانعين والسائقين في العامين الماضيين مع ألونسو، من الصعود إلى منصة التتويج إلا في مناسبة واحدة في 2007.

وجمدت إدارة الفريق الفرنسي معظم عمليات التطوير الخاصة في الجزء الأخير من موسم 2007 والتركيز على 2008.

وأضاف برياتوري "أصبحنا على دراية بكيفية تصنيع سيارة تتلاءم مع هذه الإطارات (بريدجستون) وهذا أمر افتقدنا إليه, التجارب التي قمنا بها داخل النفق الهوائي "ويند تانل" على "أر 28" تبدو واعدة, الفريق لا يزال نفسه وهم لم ينسوا كيفية تصنيع سيارة سريعة, يخالجني شعور جيد بأننا سنستطيع العودة إلى مركزنا المعهود الموسم المقبل".

واعترف برياتوري أن رينو كانت تتوقع أن تحقق نتائج أفضل في 2007، معتبراً أن المشاكل التي عانى منها الفريق الفرنسي ناتجة عن الصراع الكبير الذي خاضه للفوز باللقب في 2006، مضيفاً "كان الموسم مخيباً جداً، لكنه سيكون درساً للموسم المقبل عندما نعود أقوياء كما كنا في السابق".

وتابع "إن غياب الأداء الجيد تعود أسبابه وفي عدة نواحي إلى موسم 2006, كان علينا أن نقوم بجهد مضاعف في 2006 عندما حرمنا من استعمال ممتص الصدمات (ماس دامبر)، وبدأنا عندها تحضيراتنا لموسم 2007 بشكل متأخر وعانينا كثيراً للتأقلم مع إطارات بريدجستون، وهذا ما جعلنا متخلفين كثيراً عن منافسينا ولم نتمكن من اللحاق بهم خلال الموسم".

أين الردود