اهمية التثقيف الجنسي لا طفالنا

تعتبر قضية التثقيف الجنسي قضية حساسة طالما احتار الأهل فيها. فالآباء والأمهات يترددون كثيراً في مناقشة هذا الموضوع مع أبنائهم وبناتهم لأسباب عديدة تشمل الخجل، الخوف والتقاليد الاجتماعية. كذلك يحتار الآباء والأمهات الذين لا مانع لديهم في مناقشة أبنائهم وبناتهم حول هذه القضايا في توقيت هذه المناقشات وطرحها وهل من المناسب التحدث إلى فلذات أكبادهم وهم صغار أو حين يكبرون.

ونظراً لأهمية هذه المواضيع وتأثيرها على حياة الأجيال القادمة خاصة وأن الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس مثل الإيدز أخذت تهدد مجتمعات برمتها، رأينا لزاما علينا طرح هذه القضية المهمة ليسترشد بها الآباء والأمهات والمدرسون والمدرسات وكافة أفراد المجتمع لحماية الشباب والشابات وتسليحهم بالمعرفة كي لا يقعوا ضحية الأمراض الخطيرة والعلاقات الغير شرعية التي تجلب لهم الأخطار بسبب عدم معرفتهم بالأمور وتردد ذويهم في تنويرهم بأكثر قضايا الحياة أهمية. والتثقيف الجنسي هوعملية اكتساب المعلومات وتشكيل المواقف والأفكار حول الجنس، الهوية الجنسية، العلاقات والألفة، كذلك تتعلق هذه الثقافة بتطوير مهارات الشباب من الجنسين كي تتوفر لهم خيارات حول سلوكهم ويشعروا بالراحة والمقدرة على تنفيذ هذه الخيارات. ومن المقبول به بشكل واسع أن يكون لدى الشباب الحق في التثقيف الجنسي لأن ذلك يشكل جزئياً طريقة تساعدهم على حماية أنفسهم ضد الإساءة، الاستغلال، الحمل السفاح والأمراض التي تنتقل عن طريق العملية الجنسية.

ما هي أهداف التثقيف الجنسي؟
يسعى التثقيف الجنسي إلى تقليل أخطار النتائج السلبية المحتملة من السلوك الجنسي كالحمل غير المخطط أو المرغوب فيه والإصابة بالأمراض التي تنتشر بواسطة الجنس وكذلك لتعزيز نوعية العلاقات. وهو يدور حول تطوير قدرات الشباب على اتخاذ قرارات طوال حياتهم. ويعتبر التثقيف الناجح هو ذلك التثقيف الذي يساهم في تحقيق هذا الهدف العام.

ما هي المهارات التي يجب تطويرها؟
إذا قدر للتثقيف الجنسي أن يأخذ حظه من النجاح فإنه ينبغي أن يشتمل على فرص للشباب لتطوير مهاراتهم لأن من الصعب عليهم التصرف بناء على المعلومات التي تتوفر لديهم فقط. يجب أن يحتوي برنامج التثقيف على ذلك الجزء من التثقيف الجنسي الذي يرتبط بمهارات الحياة العامة. فعلى سبيل المثال، تعتبر القدرة على الاتصال، الإصغاء، المفاوضات، السؤال وتحديد مصادر المساعدة والمشورة مهارات مفيدة في الحياة يمكن تطبيقها فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية. إن برامج التثقيف الجنسي الفعالة تطور مهارات الشباب في المفاوضات، اتخاذ القرار، التأكيد والإصغاء إلى الغير. وتشمل المهارات الأخرى المقدرة على إدراك الضغوط التي يمارسها الآخرون ومقاومتها والتعامل مع التحديات وطلب المساعدة من ذوي الخبرة ومن هم أكبر سناً بمن فيهم الآباء والأمهات، المكلفون برعايتهم والأخصائيون، وذلك من خلال العائلة، المجتمع والخدمات الصحية والرفاه الاجتماعي. كذلك فإن برنامج التثقيف الجنسي الفعال يساعد على تزويد الشباب بالمهارات التي تمكنهم من التمييز بين المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة ومناقشة تشكيلة من القضايا الأخلاقية والاجتماعية ووجهات النظر المتعلقة بالجنس بما في ذلك مختلف المواقف الثقافية والقضايا الحساسة كالعملية الجنسية، الإجهاض وموانع الحمل.

تشكيل المواقف والآراء
يمكن أن يتعرض الشباب إلى تشكيلة واسعة من المواقف والآراء المتعلقة بالجنس والعملية الجنسية. وتبدو هذه في بعض الأحيان متناقضة ومضللة. فعلى سبيل المثال، تؤكد بعض الرسائل الصحية على الأخطار المتعلقة بالنشاط الجنسي وتروج التغطية الإعلامية للفكرة القائلة إن الشخص إذا كان نشيطاً من الناحية الجنسية يكون أكثر جاذبية ونضجاً. وبسبب الحساسية التي تحيط بالجنس والعملية الجنسية فإن الشباب ومدرسي الجنس يمكن أن يملكوا آراء قوية حول المواقف التي يجب أن يتمسك بها الناس والإطار الأخلاقي الذي يجب أن يحكم سلوكهم، وتبدو هذه الأشياء في بعض الأحيان متناقضة. والشباب مهتم بالأطر الأخلاقية والثقافة التي تحكم الجنس والعملية الجنسية، فهم يرحبون دائما بالفرص للتحدث حول القضايا التي يكون للناس آراء قوية حيالها كالإجهاض وممارسة الجنس قبل الزواج وقضايا الشذوذ الجنسي وموانع الحمل وتحديد النسل.

ومن الأهمية بماكان أن نتذكر أن الحديث بطريقة متوازنة حول الاختلاف في الرأي لا يدعم مجموعة من الآراء ضد أخرى أو يعني أن الشخص يوافق على رأي معين. إن جزءاً من اكتشاف وفهم الآراء الثقافية والدينية والأخلاقية هو البحث عن إمكانية القدرة على الموافقة أو عدمها. يملك الناس الذين يوفرون التثقيف الصحي مواقف وآراء تخصهم حول الجنس والعملية الجنسية ومن المهم أن لا ندع هذه أن تؤثر بصورة سلبية على التثقيف الذي يقدمونه. فعلى سبيل المثال إذا كان شخص ما يعتقد أن الشباب يجب أن لا يمارسوا الجنس قبل الزواج فإن ذلك لا يعني أن نحجب المعلومات الخاصة بعملية الجنس السليمة وغيرها من الحقائق. فقد فشلت المحاولات لفرض آراء أخلاقية ضيقة حول الجنس على الشباب من خلال التثقيف الجنسي.

وينبغي أن يشمل برنامج التثقيف العمل على بناء المواقف والآراء بالإضافة إلى تطوير المهارات التي تمكن الشباب من اختيار ما إذا كانوا سيمارسون الجنس واضعين بعين الاعتبار الأخطار المحدقة بذلك أم لا. كذلك يوفر التثقيف الجنسي للشباب فرصة لاكتشاف الأسباب وراء رغبة الناس في الجنس والتفكير كيف أن ذلك يشمل العواطف، احترام الإنسان لذاته والناس الآخرين وأحاسيسهم، قراراتهم وأجسامهم. يجب أن يتوفر للشباب فرصة لاكتشاف الاختلاف بين الجنسين (الذكر والأنثى) وكيف أن العرقية والعملية الجنسية يؤثران على أحاسيس الناس وخياراتهم. كذلك يجب على الشباب أن يكونوا قادرين على التقرير بأنفسهم ما هي العلاقات الإيجابية. ومن الأهمية بمكان أيضاً أن عليهم فهم كيف أن الفتوات، إساءة المعاملة والاستغلال يمكن أن تؤثر سلبا على العلاقات.

ما هي المعلومات التي يجب إعطاؤها للشباب؟
يحصل الشباب على المعلومات حول الجنس والعملية الجنسية من تشكيلة واسعة من المصادر بما في ذلك تبادل الأحاديث فيما بينهم ومن خلال وسائل الإعلام بما فيها الإعلانات، التلفزيون والمجلات بالإضافة إلى النشرات، الكتب ومواقع الإنترنت المصممة لتكون مصادر للمعلومات حول الجنس والعملية الجنسية. ويمكن لبعض هذه المصادر أن تكون دقيقة أو غير دقيقة، ولذا فإن توفير المعلومات من خلال برامج التثقيف الجنسي هي حول اكتشاف ما يعرفه الشباب بالفعل وإضافة معلومات إلى ذلك وتصحيح المعلومات المغلوطة إن وجدت لديهم. فمثلاُ يمكن أن يكون بعض الشباب قد سمعوا عن لآراء خاطئة وهنا يصبح من المهم تزويدهم بالمعلومات الصحيحة. إن الشباب بدون معلومات صحيحة يعرضون أنفسهم لأخطار جسيمة. كذلك فإن المعلومات مهمة كقاعدة للشباب يستطيعون تطوير مواقف وآراء عليها حول الجنس والعملية الجنسية. ويحتاج الشباب إلى معلومات حول المواضيع التالية:

التطوير الجنسي، التكاثر، موانع الحمل، العلاقات ويحتاج الشباب إلى معلومات حول التغيرات العاطفية والجسدية المتعلقة بالبلوغ، التكاثر بما في ذلك التلقيح ومفهومه والأمراض التي تنتشر عن طريق الجماع بما في ذلك الإيدز. كذلك يحتاج هؤلاء إلى معرفة حول موانع الحمل وتحديد النسل بما في ذلك كيفية استخدام هذه الموانع وتقرير ما يصلح منها للاستخدام وما لا يصلح وكيفية الحصول عليها. وفيما يتعلق بالمعلومات حول العلاقات، يحتاج الشباب إلى المعرفة حول السلوك والعلاقات بالإضافة إلى تشكيلة من الآراء الدينية والثقافية حول الجنس، العملية الجنسية وتعددها. وعلاوة على ذلك يجب تزويد الشباب بالمعلومات حول الإجهاض، الجنس، السرية بالإضافة إلى تشكيلة من المصادر المتعلقة بالنصائح والدعم الذي يحتاجه الشاب.

متى يبدأ التثقيف الجنسي؟
برامج التثقيف الجنسي الناجح تبدأ في سن مبكرة وذلك قبل وصول الشباب سن البلوغ وقبل أن تتكون لديهم أنماط من السلوك. ويعتمد السن الذي يجب تزويد المعلومات فيه على النمو الجسدي، العاطفي والعقلي للشباب وكذلك مستوى الفهم لديهم. ويعتمد نوع المعلومات وكيفية تزويدها على الطريقة التي يريد الشاب أو الشابة المعرفة بشأنها. ومن الأهمية بمكان عدم تأخير تزويد المعلومات للشباب بل البدء بذلك وهم صغار. ويعتبر تزويد الشباب بالمعلومات أساساً تبنى عليه المعرفة المعقدة مع الزمن. ويعني ذلك أن التثقيف الجنسي يجب أن يكون متواصلاً. فعلى سبيل المثال، يمكن تزويد الأطفال بالمعرفة حول نمو الإنسان والتغيير الذي يشهده مع الزمن وكيف يصبح الرضع أطفالاً ومن ثم بالغين حيث توفر هذه المعرفة أساساً يبني عليه الأطفال فهما لمزيد من المعلومات المفصلة حول البلوغ في السنوات التي تسبقه.